العلاج النفسي أونلاين للتخلص من الاكتئاب لدى الشباب

برز العلاج النفسي أونلاين للتخلص من الاكتئاب لدى الشباب كحل مبتكر، فنحن نعيش بعصر السرعة حيث ظهرت تطبيقات الاتصال عبر الانترنت التي تسمح للأفراد الذين يعانون من الاكتئاب وسائر الاضطرابات النفسية من الوصول للأطباء النفسيين براحة ومن منازلهم.

ويعتبر الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الشائعة حول العالم، وخاصة لدى فئة الشباب بسبب الضغوط المستمرة وزيادة متطلبات الحياة والتفكير في المستقبل، ويوفر العلاج النفسي عبر الانترنت للشباب فرصة للتواصل مع الأطباء النفسيين ضمن بيئة أكثر راحة ومرونة.

فهم الاكتئاب لدى الشباب

من وجهة نظري أرى أن الاكتئاب حالة صحية تتجلى عند الشباب بمشاعر الحزن وانخفاض في الحالة المزاجية، ويؤدي غالباً للصعوبات أكاديمية وابتعاد عن المناسبات الاجتماعية ومشاكل في العلاقات.

من خلال علاجي لعدد كبير من الشباب الذين يعانون من الاكتئاب في الشرق الأوسط، وخاصة في السعودية والإمارات والكويت والبحرين، لاحظت أن الاكتئاب يظهر عند الشباب نتيجة لعدد من العوامل كالتاريخ العائلي ووجود نزاعات في المنزل، أو نتيجة للضغوطات المحيطة التي تثقل كاهل الشباب، كما يلعب التنمر من قبل الأقران أو عبر الانترنت دوراً في الاكتئاب، بالإضافة لدور الأحداث المؤلمة التي من الممكن أن يتعرض لها الشباب كالاعتداءات الجنسية أو الوفاة والطلاق ضمن الأسرة.

وقد لاحظت أن الشباب في الشرق الأوسط يترددون في طلب المساعدة من الأطباء النفسيين بسبب الخجل أو نقص الموارد، بالإضافة للصعوبات الجغرافية واللغوية، وهو ما جعل العلاج النفسي عبر الانترنت خياراً مناسباً وأكثر فعاليةً لهم.

فوائد العلاج النفسي عبر الانترنت للشباب

وجدت أن للعلاج النفسي عبر الانترنت القدرة على تلبية احتياجات الشباب، وزيادة شعورهم بالراحة والتكيف، وقد لاحظت من خلال تجربتي للعلاج أونلاين في السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومختلف دول الشرق الأوسط العديد من الفوائد.

1- إمكانية الوصول

لقد لاحظت من خلال ممارستي معاناة الشباب المصابين بالاكتئاب في الشرق الأوسط من تلقي العلاج النفسي المباشر، إما بسبب وجودهم في مناطق ريفية وبعيدة أو بسبب عملهم في الخارج حيث تقف اللغة حائلاً بينهم وبين تلقي العلاج النفسي.

بالإضافة لانشغالهم الشديد واضطرارهم للتوفيق بين الدراسة والعمل والأصدقاء لذلك برأيي يعتبر العلاج عبر الانترنت للاكتئاب الخيار الأمثل لهم بسبب مرونة الجلسات وسهولة الوصول للطبيب النفسي المناسب لتطلعاتهم وثقافتهم.

2- الراحة والمرونة

لقد سمح لي العلاج عبر الانترنت وضع جداول مواعيد مرنة، حيث تمكنت من مراعاة البرامج الدراسية للمراجعين الشباب وأوقات أعمالهم ودراستهم، فلاحظت زيادة نسبة حضور الجلسات والالتزام بها.

بالإضافة لتمكن الشباب الذين يعانون من الاكتئاب من القيام بجلسات العلاج النفسي بأي مكان يشعرون أنه آمن ويستطيعون الكلام فيه براحة وعفوية.

3- تقليل الخجل وعدم الكشف عن الهوية

لقد تعاملت مع عدد من الشباب المكتئبين في السعودية والكويت والبحرين والإمارات الذين يفضلون عدم الكشف عن هويتهم والتواصل بأسماء وهمية.

وبالتالي من وجهة نظري فقد وفر العلاج عبر الانترنت مزيداً من الشعور بالخصوصية، وهو ما يؤدي إلى التعبير بانفتاح أكثر عن مشاكلهم ومشاعرهم التي يعتبرونها بالغة الصعوبة ويشعرون بالخجل تجاهها، وجعل من طلب المساعدة أمر بالغ السهولة.

4- توفير خيارات علاجية متنوعة

من مشاهدتي خلال تقديم العلاج النفسي عبر الانترنت في الشرق الأوسط، لاحظت ميل أغلب الفتيات اللاتي يعانين من مشاكل نفسية للتحدث مع طبيبات، حيث يشعرن براحة أكبر في الحديث، فالعلاج النفسي أونلاين يتيح للشباب اختيار جنس الدكتور النفسي الذي يناسب تفضيلاته الخاصة.

كما أنه يتيح للأفراد اختيار الأسلوب العلاجي الذي يشعر بالراحة والاستفادة عن طريقه كالعلاج المعرفي السلوكي أو العلاج السلوكي الجدلي.

5- زيادة الراحة

لاحظت لدى الشباب في السعودية والبحرين والإمارات والكويت وسوريا والعراق والأردن شعوراً أكبر بالراحة عندما يكون التواصل عبرالانترنت، فهم بهذه الحالة يشعرون بالاسترخاء من خلال مشاركتهم بالعلاج من مكان يشعرهم بالأمان.

كما لاحظت أن الشباب يميلون لأن يكونوا أكثر صدقاً عند تلقيهم العلاج عبر الانترنت، مقارنةً بالضغط الذي يشعرون به عند تلقي العلاج وجهاً لوجه.

6- الدعم خلال الأزمات واستمرارية الرعاية

يمكن للشباب من خلال العلاج عبر الانترنت الوصول للطبيب النفسي على الفور، وذلك عند تعرضهم لحالة طارئة، فهم ليسوا مضطرين لأخذ موعد مسبق والانتظار مدة زمنية طويلة للتحدث مع الطبيب النفسي.

كما لاحظت أن عدد كبير من الشبان في الشرق الأوسط كانوا يتلقون العلاج الشخصي، ولكنهم اضطروا للسفر أو تغيير مكان إقامتهم، وبالتالي العلاج أونلاين أدى إلى توفير رعاية مستمرة لهم وحفظ علاقاتهم العلاجية.

7- تعدد طرق العلاج

يمكن أن يتم العلاج النفسي عبر الانترنت من خلال طرق متنوعة، فبعض الشباب يفضلون مكالمات الفديو، والبعض الآخر يفضلون المكالمات الصوتية، بالإضافة لتمكنهم من تلقي العلاج عبر المراسلات الكتابية.

وقد لاحظت أن تنوع طرق العلاج وتمكن الشباب من اختيار الطريقة المناسبة لهم يجعل العلاج أكثر فعالية وجودة.

8- انخفاض التكاليف

برأيي الشخصي أجد أن العلاج عبر الانترنت أقل تكلفة من أسلوب العلاج التقليدي، وبالتالي يمكن لكافة الشباب مهما كانت ظروفهم أن يتلقوا المساعدة والعلاج النفسي المناسب للحالة التي يمرون بها.

تحديات العلاج النفسي عبر الانترنت

واجهت خلال تقديمي العلاج النفسي عبر الانترنت عدد من التحديات، فإمكانية الوصول للانترنت غير متساوية لدى كل الشباب في الشرق الأوسط، وهو ما يعيق المشاركة بالعلاج أونلاين لدى عدد من الشباب.

كما أن العلاج النفسي أونلاين يمكن أن يمنعني من ملاحظة بعض الإشارات غير اللفظية التي تساعدني في فهم مشاعر وردود فعل الأفراد أكثر، مما يمكن أن يؤثر على إمكانية تقديم العلاج بالفعالية التي أريدها، ويُبطئ إنشاء الثقة بيني وبينهم.

وأعاني في بعض الأحيان من الفهم الخاطئ عندما تكون المراسلات نصية، فبالوقت الذي يقصد به الفرد فكرة معينة وبسبب غياب نبرة الصوت يمكن أن أفهم فكرته بشكل مغاير تماماً لما يقصد.

علامات الاكتئاب عند الشباب

من خلال علاجي لآلاف حالات الاكتئاب في الشرق الأوسط لاحظت تكرر هذه العلامات عند الشباب والتي تدل على اصابتهم بالاكتئاب، ومن الضروري طلب المساعدة عند ظهورها.

  • انخفاض الحالة المزاجية المستمر والحساسية الزائدة
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة والانسحاب الاجتماعي
  • تغيرات في أنماط النوم
  • تعب مستمر وانخفاض في الطاقة
  • صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات
  • تغيرات في الشهية والوزن
  • انخفاض تقدير الذات وشعور كبير بالذنب
  • آلام جسدية
  • قلق واحباط وانفعال
  • انخفاض الأداء الأكاديمي
  • تشاؤم وانعدام التخطيط للمستقبل ويأس
  • سلوكيات خطرة مثل تعاطي المخدرات وإيذاء النفس وأفكار انتحارية
  • انخفاض احترام الذات والثقة بالنفس
  • البكاء المتكرر

خلاصة المقالة

من حق جميع الشباب الحصول على العلاج النفسي المناسب عند معاناتهم من الاكتئاب، وللعلاج النفسي عبر الانترنت مستقبل واعد في علاج الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى، بسبب سهولة الحصول عليه و لقدرته على جذب الشباب الذين يتجنبون طلب المساعدة بطريقة مباشرة، وتحسين وتيرة حياتهم بشكل كبير.

المصادر والمراجع:
  1. Andersson, G., & Titov, N. (2014). Internet-delivered cognitive behavior therapy for depression in adults: A systematic review. Journal of Clinical Psychology, 70(4), 279-297. https://doi.org/10.1002/jclp.22081
  2. March, S., Spence, S. H., & Donovan, C. L. (2009). The efficacy of an Internet-based cognitive-behavioral therapy intervention for child anxiety disorders. Journal of Pediatrics and Child Health, 45(9), 508-514. https://doi.org/10.1111/j.1440-1754.2009.01543.x
  3. Ebert, D. D., Zarski, A. C., Christensen, H., Stikkelbroek, Y., Cuijpers, P., Berking, M., & Riper, H. (2015). Internet and computer-based cognitive behavioral therapy for anxiety and depression in youth: A meta-analysis of randomized controlled outcome trials. PLOS ONE, 10(3), e0119895. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0119895
  4. Hoermann, S., McCabe, K. L., Milne, D. N., & Calvo, R. A. (2017). Application of synchronous text-based dialogue systems in mental health interventions: Systematic review. Journal of Medical Internet Research, 19(8), e267. https://doi.org/10.2196/jmir.7023
  5. Richards, D., & Richardson, T. (2012). Computer-based psychological treatments for depression: A systematic review and meta-analysis. Clinical Psychology Review, 32(4), 329-342. https://doi.org/10.1016/j.cpr.2012.02.004

عن المؤلف